فائدة من كتاب (الوسيلة إلى كشف العقيلة) لعبد الصمد السخاوي بتحقيق/ فرغلي عرباوي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله القائل: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)(ق:18)، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيِّدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم القائل: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ »( )، أما بعد:
فأقول وبالله التوفيق والسداد:
أوَّل هذا المخطوط: " الحمد لله الذي بدأ الْمِنَن وأعادها، وأسبغ النعم وأفادها، وألْهَمَ النُّفوس غيَّها ورشادها، ومدَّ الإحسان، وعلم بالقلم الإنسان، ومنحه اليد واللسان.
وصلى الله على سيِّدنا محمَّد النبي الرسول العربي المصطفى الأُمِّي الذي لم تخطَّ يَمِينُه كتاباً إذاً لارتاب المبطلون، ولم يرسم بنانُه حرفاً ليزداد إيماناً به المؤمنون، وعلى آله وصحبه الذي برعوا في الفطنة والكتابة، وبرزوا في الفصاحة والخطابة، وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فإن الله تعالى جعل الكتابة من أجلِّ صنائع البشر وأعلاها، ومن أكبر منافع الأُمم وأسناها، فهي حرزٌ لا يضيع ما استُودع فيه، وكنزٌ لا يتغيَّر لديه ما توعيه مما تصطفيه، وحافظ لا يُخاف عليه النسيان، وناطق بالصواب من القول إذا حرَّفَه اللسان؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ "( )، وقال بعض أهل الأدب: ( )
أَفْرَطَ نِسْيَانِي إِلَى غَايَةٍ
أَعْدَمَنِي إِفْرَاطُهَا الْحَسَّا
وَكُنْتُ مَهْمَا حَاجَةً أَعْرَضَتْ
مُهِمَّةٌ أَوْدَعْتُهَا الطِّرْسَا( )
فَصِرْتُ أَنْسَى الطَّرْسَ فِي رَاحَتِي
وَصِرْتُ أَنْسَى أَنَّنِي أَنْسَى! ( )
وهي السببُ إلى تخليد كل فضيلةٍ، والذريعةُ إلى توريث كل حكمة جليلةٍ، وهي الموصِّلة إلى الأُمم الآتية أخبارَ القرون الخالية، ومعارف الأُمم الماضية، حتى كأنَّ الخلفَ يُشافه السَّلف، وكأنَّ الآخرَ يُشاهد الأوَّل ".
وآخر هذا المخطوط: " والْعَرْفُ: الرائحة على الإطلاق؛ إلا أنه أرادها هنا: الرِّيح الطيِّبة، يقال: ما أطيب عَرفه.
والأصال: جمع أصيل، وهو العشي، والبُكَر: جمع بُكرة، وهي الغداة، والمعنى: أنه صلى عليهم صلاةً طيِّبة بهية جميلة دائمة، صلى الله على نبيِّنا محمَّد وعليهم أجمعين.
وقوله: (مَسْرُوراً أَسِرَّتُهَا): نصب (مَسْرُوراً) على الحال، وهو على تذكير الجمع، ومع ذلك فهو جمع ما لا يَعْقِل، ويجوز أن يكون (أَسِرَّتُهَا) فاعل (تُضَاحِكُ) و(مَسْرُوراً) حال من (الزَّهْرَ).
وسُرور الزَّهر: كضحكه، والزَّهر يوصف بالفرح والسرور والضحك، وغير ذلك. قال حبيب: ( )
دُهمٌ إِذَا ضَحِكَتْ فِي رَوْضَةٍ طَفِقَت
عُيُونُ نَوَارِهَا تَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ
وقال ابن الجهم: ( )
لَمْ يَضْحَكِ الْوَرْدُ إِلاَّ حِينَ أَعْجَيَهُ
حُسْنُ الرِّيَاضِ وَصَوْتُ الطَّائِرِ الْغَرِدِ
وهذا كثير في الشعر. ".
فهرست هذا المخطوط على النحو التالي:
• الباب الأوَّل: الدِّراسة
• مقدِّمة الدِّراسة
• الباب الأوَّل
• المؤلَّفات في شروح العقيلة
• ترجمة موجزة عن السخاوي
• اسم الكتاب وتوثيق نسبته للمؤلف
• وصف المخطوط
• منهج التحقيق
• مصورات من المخطوط
• الباب الثاني النص المحقق للكتاب
• مقدِّمة المصنف
• باب الإثبات والحذف وغيرهما مرتباً على السور من البقرة إلى الأعراف
• ومن سورة الأعراف إلى سورة مريم عليها السلام
• ومن سورة مريم عليها السلام إلى سورة ص
• ومن سورة ص إلى آخر القرآن
• باب الحذف في كلمات تحمل عليها أشباهها
• باب من الزيادة
• باب حذف الياء وثبوتها
• باب ما زيدت فيه الياء
• باب حذف الواو وزيادتها
• باب حروف من الهمز وقعت في الرسم على غير قياس
• باب رسم الألف واواً
• باب رسم بنات الياء والواو
• باب حذف إحدى اللامين
• باب المقطوع والموصول
• باب قطع أن لا وإن ما
• باب قطع من ما ونحو من مال ووصل ممن وممَّ
• باب قطع أم من
• باب قطع عن من ووصل أن لن
• باب قطع عن ما ووصل فإن لم وأما
• باب في ما وإنَّ ما
• باب أن ما ولبئس وبئس ما
• باب قطع كل ما
• باب قطع حيث ما ووصل أينما
• باب وصل لكيلا
• باب قطع مال
• باب قطع مال
• باب وصل ولات
• باب هاء التأنيث التي كتبت تاء
• باب المضافات إلى الأسماء الظاهرة والمفردات
• باب المفردات والمضافات المختلف في جمعها
• ختام نظم العقيلة
• نهاية المخطوط
• أهم المصادر والمراجع
• فهرس الموضوعات
من الفوائد الواردة في هذا الكتاب قوله:
" فمَتَّى أردتَّ مجالسة إمامٍ من الأئمَّة الماضين، فانظر في كتبه التي صنَّفها، ومجموعاته التي ألَّفها، فإنك تجدُه لك مخاطباً ومُعلِّماً ومُرشداً ومُفَهِّماً، فهو حيٌّ من هذه الجهةِ، وموجودٌ من هذا الجانبِ. ( )
وكم من حكمةٍ رائعةٍ، وكلمةٍ نافعةٍ، وموعظةٍ جامعةٍ، وحجَّةٍ بالغةٍ، وعِبرةٍ صادقةٍ، قد خزنها الأوَّل للآخرِ، ونقشَها في الحجارةِ بعد الدفاترِ، حُنُوًّا من هذا البشر الذي يرحمُ بعضه بعضاً، ويَدُلُّه على ما يختاره لنفسه ويرضى.
وقد دوَّنوا أخبارَ الأجواد، وكتبوا مواقف الشجعانِ، علماً بأنَّ الناس يقتدي بعضهم ببعض؛ ولذلك قال القائل مُنَبِّهاً لأهل زمانه على إغفال التكرم، وإهمال شأنه: ( )
إِنِّي سَأَلْتُ عَنِ الْكِرَامِ فَقِيلَ لِي
إِنَّ الْكِرَامَ رَهَائِنُ الأَرْمَاس( )
ذَهَبَ الْكِرَامُ وُجُودَهُمْ وَنَوَالَهُمْ
وَحَدِيثَهُمْ الآنَ الْقِرْطَاس
ولم يزل الفضلاء من كل جيل، والنبلاء من كل قبيل، يدوِّنون ما يقع لهم من الكلمات النافعة، ويسارعون إلى حفظها بالكتابة؛ خوفاً من ذهابها بالنسيان أشد المسارعة.
فكم من كلمةٍ قد نفع الله بها بعدَ قائلها، وفائدةٍ قد هُيِّئت بالكتابة لمتناولها، وقد رأيت في جامع بلدنا على بعض سواريه الرخام منقوشاً بالحديد: (حضر في هذا الموضع المبارك سليمان بن كعب الأحبار( )، وهو يقول: "مَنْ خان هان ".( )
وكان عمر بن عبد العزيز( ) – رحمه الله – يصلي بالليل، فإذا مرَّت به آيةٌ فَهِمَ منها شيئاً سلَّم من صلاته، وكتبه في لوح أعدَّه ليعمل به في غده. ( ) ". ينظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة للسخاوي (17-18)، بتحقيقي.
(انتظر فائدة من كتاب (شرح العقيلة الرائية) لأبي شامة الدمشقي (ت665هـ) تلميذ السخاوي (ت643هـ) والسخاوي تلميذ الشاطبي (ت590هـ).